شنغهاي - رويترز: عكف خمسة نجارين وخط الشيب رؤوسهم على العمل متجاهلين الموسيقى الصينية المنبعثة من جهاز الراديو ، وهم يضعون بلا كلل اللمسات الأخيرة على أحدث صيحات صادرات البلاد.. آلات الكمان.
ومن مدينة شنغهاي التي تضج بالنشاط الى إقليم جوانجتشو المزدهر تنتج آلاف المصانع ما يصل الى مليون آلة كمان سنويا يوجه أغلبها الى أسواق الولايات المتحدة واوروبا وتتراوح من آلات عادية يستخدمها دارسو الموسيقى الى الات خاصة يستخدمها العازفون البارزون في حفلات موسيقية تحمل اسماء مثل اندرياس ايستمان ويوهان كور واندرو شرويتر.
ويقدر أحد المنتجين أن ما بين 70 و80 بالمئة من آلات الكمان التي بيعت لطلاب موسيقى أمريكيين صنعت في الصين. وتظهر بيانات رسمية أن انتاج البلاد يزيد بمعدل 30 بالمئة في السنة.
وقال تشو يوجيان الرئيس التنفيذي لشركة شنغهاي لارك جولدن بل لصناعة الآلات الموسيقية "الصين تتطور وانتاج منتج معقد مثل الة كمان جيدة أمر لا يزال صعبا علينا."
وأضاف وهو يتفقد العمل في الورشة ذات الجدران البيضاء التي تتناثر على أرضها نشارة الخشب "من السهل صناعة شيء يشبه الكمان خاصة مع وفرة العمالة الرخيصة."
ويجسد تشو وعماله البالغ عددهم 150 عاملا والذين يمثلون خامس اكبر شركة لصناعة آلات الكمان في الصين ثورة هادئة تغير شكل عالم الموسيقى الكلاسيكية.
وشعار "صنع في الصين" بدأ لتوه في التخلص من ارتباطه بالسلع الرديئة.
ورغم ذلك فان هذه الدولة التي اكتسبت شهرة في صنع كل شيء من الأحذية الرخيصة الى القمصان القطنية وأجهزة التلفزيون وأفران الميكروويف منخفضة السعر أصبحت على مدى الأعوام الثلاثة الماضية أكبر ممارس لنوع غامض من الفنون هو فن صناعة آلات الكمان.
وليس من المستغرب ان تنافس آلات الكمان الصينية الصنع المنخفضة السعر انتاج شركات يابانية مثل شركة سوزوكي فايولين وشركة ياماها كورب.
وكانت سوزوكي ذات يوم تسيطر على أكثر من نصف سوق آلات الكمان التي يستخدمها دارسو الموسيقى في الولايات المتحدة وأوروبا لكن هذه النسبة تراجعت الى أقل من عشرة بالمئة.
وقال يوشيتاكا نيشيو وهو مساعد مدير في شركة سوزوكي في ناجويا "في الاعوام الاربعة او الخمسة الماضية لم نبع آلات كمان على الاطلاق في السوق الاوروبية. فهم لا يشترون سوى آلات الكمان الصينية الآن."
وصدر مصنع تشو تسعا من كل عشر آلات كمان من بين 30 ألف آلة ينتجها المصنع كل عام. ونصف ما يصدر يوجه الى الولايات المتحدة أكبر مشتر لآلات الكمان الصينية حيث يدفع الموزعون أسعارا تبدأ من 23 دولارا للوحدة اما سعر الالات التي تنتجها سوزوكي فيبلغ نحو خمسة أمثال هذا السعر.
وقال نيشيو "العديد من الآلات الصينية ذات الأسعار الرخيصة للغاية دخلت السوق... فقدنا وضعنا الريادي في اوروبا منذ خمسة أو عشرة أعوام مضت. والآن نفقد حصتنا في السوق الامريكية."
وعلى الرغم من سيطرة الصين الان على سوق آلات الكمان التي يستخدمها الطلاب مايزال على العمال الصينيين بذل المزيد لكسب سوق أكبر للالات الاكثر تعقيدا.
وقال تشو وهو يحتسى الشاي الاخضر من كوب بلاستيكي "الامر أكبر من مجرد التقليد. يجب ان تفهم أساسيات صناعة الكمان."
واثنان من كل ثلاث آلات بيانو التي تنتجها شركة بيكشتاين بيانوفورت الالمانية تصنع في الصين وشركة ياماها اليابانية لصناعة الآلات الموسيقية تنتج عشرة في المئة من انتاجها في الصين.
لكن تشو يقول ان الأسعار المنخفضة ليست كافية على المدى الطويل.
فالصناعة من المتوقع ان تنتقل في نهاية الامر الى دول ذات عمالة رخيصة مثل فيتنام وبورما ولاوس مع ارتفاع الأسعار في الصين سابع أكبر اقتصاد في العالم والذي ينمو بمعدلات متسارعة.
وقال ستيج برينك موزع الجملة لآلات الكمان في حديث هاتفي مع رويترز من مكتبه في كاترينهولم بوسط السويد "عندما كان الصينيون يصنعون آلات الكمان من قبل كان الأمر يبدو وكأنهم يجمعون سيارة دون أي معرفة."
وأضاف "قبل ثلاث سنوات لم يكن احد يشتري الكمان الصيني الصنع. لكن الآلات التي ينتجونها اليوم ممتازة."
وقال برينك هن آلات الكمان الصينية الصنع الرخيصة الثمن تمثل الآن ثلاثة أرباع مبيعاته.
وبدأ تشو الذي لا يعزف على الكمان حياته العملية بادارة شركة حكومية لانتاج آلات الفلوت والبوق.
وقال المسؤول وهو من مواليد شنغهاي ان آلاف صناع آلات الكمان مثل شنغهاي لارك يسيطرون الان على أسواق في الولايات المتحدة واوروبا.
وقال تشو "سابدأ كذلك في انتاج كمان كهربائي... لم يصنعه أحد هنا بعد."