لا أفهم السر وراء حالة البيات الرمضاني التي تشهدها السينما المصرية و دور العرض في جميع أنحاء الجمهورية في شهر رمضان، و هل هناك تعارض بين الشهر الكريم مثلاً و بين الذهاب للسينما؟!
لا أعتقد ذلك بدليل هذا السيل الذي يجتاحنا سنوياً من المسلسلات التليفزيونية و برامج المسابقات و المقالب التي تمتلئ بنجوم السينما أنفسهم،مما يدل على أن العيب ليس فيهم لأننا نقبل على مشاهدتهم و التفاعل مع ما يقدمونه ونرحب بهم في منازلنا طوال رمضان.
و لكن لعل هذه الزيارة السنوية التي ينعم علينا نجوم السينما بها فقط في رمضان،باستثناء بعضهم الذين يمتعون بحضور دائم على الشاشة الصغيرة طوال العام،هي سلاح ذو حدين، لأنهم يزوروننا في منازلنا،فلا نجد داع لزيارتهم في دور العرض رغم اختلاف مذاقهم على الشاشة السينما..
أعتقد أن المسألة لها جانبين،اجتماعي و اقتصادي..
الجانب الأول يتمثل ببساطة في الحميمية التي تسيطر على الأسرة المصرية في رمضان،حيث يحرص الجميع على التواجد على مائدة الإفطار بعكس الأيام العادية التي قد لا تلتقي فيها بوالدك لثلاثة أيام متتالية، كما تكثر الزيارات العائلية حرصاً على صلة الرحم التي قد لا تمر ببالك إلا نادراً في حياتك اليومية،بالإضافة إلى أن قدسية الشهر الكريم تجعلك تمتنع عن الكثير من الأنشطة المعتادة بالنسبة لك، ليس لأنها محرمة لا سمح الله، و لكن لأن البعد عنها غنيمة كما يقولون، و بذلك يكون البقاء في المنزل وسط الأهل و الأصدقاء هو الأسلم..
أما عن الجانب الاقتصادي، فيبدو واضحاً، حيث تتخلى ربات البيوت في هذا الشهر بالأخص عن العقلية التوفيرية الاقتصادية التي تتمتعن بها طوال العام، و تبدأ سلسلة المشتريات قبل بدايته بالياميش و تمتد بانتظام على مدار الشهر لتشمل اللحوم و الدواجن و السمن و "الذي منه" ، لتمتلأ البطون بعد ساعات الصيام بالمحمر و المشمر و الحلو الشرقي و الغربي، مع مراعاة الكميات الرهيبة لإظهار الكرم و الجود في العزومات المتبادلة...كل هذا بالطبع يرهق ميزانية الأسرة و يصل بنا إلى نفس النتيجة .. البقاء في المنزل وسط الأهل و الأصدقاء هو الأسلم.
مهرجان السينما للجميع و تذاكر مدعمة للجميع... اسبوع الفيلم الديني.. كلاسيكيات السينما المصرية... اسبوع الفيلم الصامت... كل ما سبق قد يكون كلمة السر لانعاش السينما في شهر رمضان، فالتميز و الاختلاف هو ما قد يدفعني و غيري للقفز من أمام شاشة التليفزيون المغرية جداً و التوجه للدور العرض السينمائية التي ستكون عامرة بالجماهير شأنها شأن السفرة الرمضانية.