امرأة تستعد للنوم ثم تلاحظ شيئا غريبا. في كل مرة تطفئ نور الطُرقة، يظهر خيال لشبح ما ويختفي فورا إذا أعادت تشغيل الأنوار. دورة مخيفة تتكرر أمامها في كل مرة تعاود التجربة.
التيمة البسيطة السابقة هي حجر الأساس والمشهد الأيقوني، الذي اعتمد عليه المخرج السويدي ديفيد ساندبرج في صناعة فيلم رعب قصير مدته 3 دقائق عام 2013 بعنوان "الأضواء أُطفأت" Lights Out للعرض على الانترنت. وبالنظر لانتشار الفيلم واعجاب ملايين به، كان من الطبيعي أن تلتفت أنظار هوليوود سريعا الى التجربة.
نقطة الحظ الحقيقية أن التجربة لم تلفت أنظار منتج عادي، وانما لفتت أنظار جيمس وان تحديدا. امبراطور صناعة أفلام الرعب في هوليوود حاليا، ومخرج ومنتج سلاسل Saw - Insidious - The Conjuring.
اللقطة المذكورة من الفيلم القصير Lights Out - انتاج 2013
إعلان الفيلم الروائي 2016 - لاحظ تكرار نفس اللقطة في بدايته
الآن في 2016 يعود ساندبرج بنفس العنوان ونفس الفكرة، وينال فرصته الأولى لصناعة فيلم روائي هوليوودي، مع طاقم تصوير ومونتاج وتصميم انتاج، يضم نفس الخبراء الذين يتعامل معهم امبراطور الرعب عادة. النتيجة لا بأس بها نهائيا، لعشاق هذا النوع من الأفلام.
الظلام كان دوما مصدر الخطورة الكلاسيكي الثابت في أفلام الرعب، لأنه الوضع الذي يصعب فيه أن نشاهد ما يهددنا، وفي الفيلم لم يعد ظهور الضوء فقط وضع أكثر راحة، بل صار الحل للنجاة من الخطر. شيء أشبه بعلاقة دراكولا بأشعة الشمس.
الأمور اختلفت بالطبع في التجربة الثانية، لأن العمل الروائي يحتاج إلى حبكة وشخصيات وقصة، لتطويع الفكرة لفيلم أطول زمنيا. لوضع البذرة لجأ سيناريست الفيلم إيريك هايزرر إلى التركيبة الكلاسيكية الروتينية في أفلام الرعب والأشباح. الأسرة التي تحتاج الى التكاتف لمواجهة الأخطار.
لدينا أم مضطربة نفسيا، وطفل مرعوب، وابنة شابة أكثر صلابة تحاول انهاء الأزمة. رغم البداية الواعدة في بناء علاقة معقدة بين الأم والابنة، لم يهتم السيناريو طويلا باستثمار هذه النقطة لتقديم فيلم رعب مؤثر لا يخلو من لمحات انسانية.
رغم هذا التجاوز، تكفل تمثيل "تيريزا بالمر" لدور الابنة، و"ماريا بيلو" لدور الأم، بخلق اهتمام وتفاعل مع الشخصيتين. تفاعل أنقذ بعض مقاطع الفيلم البطيئة والمكررة في منتصفه.
مدة العرض لا تزيد عن 81 دقيقة وهى مدة قصيرة، لكن يسهل ملاحظة معدل تكرار الأحداث، وعلى الأغلب يمثل هذا الرقم الحد الأدنى الذي لا يجوز الانخفاض عنه، لتسويق الفيلم بشكل جيد تجاريا.
كل كليشيهات أفلام الرعب الحديثة موجودة هنا تقريبا، ويعتمد ساندبرج أغلب الوقت على مدرسة الخضة أو الصدمات المنتشرة حاليا، وعلى الخدع البصرية البعيدة عن الجرافيك. يمكن أيضا ملاحظة درجة من اللاجدية والمرح، في تناوله لبعض المقاطع التي يلجأ فيها الأبطال للحصول على الضوء، بطرق طريفة وغير متوقعة، للنجاة من براثن الشبح.
الفيلم كروح يمكن تصنيفه كحلقة وسط بين أفلام الرعب الجدية المعاصرة، وعلى رأسها أفلام منتجه جيمس وان مثل الشعوذة The Conjuring ومدرسة الثمانينات الأكثر مرحا والأقل جدية، التي قدمت سلاسل مثل كابوس شارع إيلم Nightmare on Elm Street.
إجمالا مسار الأحداث متوقع، والشخصيات ليست جديدة على فيلم رعب، لكن مهارات ساندبرج في تنفيذ مشاهد الاثارة والفزع، ولعبة الضوء والظلام المختلفة التي ابتكرها، منسجمة مع الذوق السائد حاليا بخصوص أفلام الرعب لدى المراهقين بالأخص. من الجدير بالذكر أن الفيلم بتصنيف رقابي يستهدفهم كجمهور، وأن الجزء الثاني قيد التحضير حاليا على ضوء نجاحه.
بعض أفلام الرعب تعتمد على خلق مناخ عام قابض وشخصيات مقلقة، أكثر من اعتمادها على تنفيذ مشاهد صادمة، بحيث يصبح مصدر الخوف والتوجس ما لا نراه وليس ما نراه، وهي النوعية التي أفضلها. النموذج الذي يستحق الذكر منها هذا العام هو الساحرة The Witch.
اقرأ أيضا: تعاويذ الجمهور تفسد السحر الأسود في The Witch
بعضها الأخر يعتمد على مدرسة الخض والصدمات البصرية والصوتية، وإلى هذا النوع ينتمي Lights Out. ، فإذا كان هذا نوعك المفضل فستجد في الفيلم ما يكفي لتسليتك.
باختصار:
حبكة مكررة وروتينية تم انقاذها بفضل الأداء التمثيلي الجيد، وبعض ألاعيب الرعب البصرية الفعالة، في عمل يسير على خطى أفلام جيمس وان مثل The Conjuring. لن يصمد في الذاكرة، لكن كفيل غالبا بإشباع وتسلية عشاق هذه المدرسة طوال مدة عرضه.
شاهد الفيلم القصير Lights Out - انتاج 2013
اقرأ أيضا: أهم ٢٥ فيلم مغامرات وفانتازيا في ٢٠١٦