أفلام المقاولات ظاهرة قديمة ظهرت منذ فترة السبعينيات، وكانت لأسباب اقتصادية وظروف سياسية مرت بها مصر وقتها، واستمرت بعدها في الثمانينيات وأوائل التسعينات كشكل من أشكال الإنتاج الفني السهل.
وتوقفت هذه الظاهرة لفترة أو تواجدت على استحياء، بعد ظهور جيل جديد في السينما أطلق عليه جيل "السينما النظيفه"، وذلك لأن أبطاله سواء أمام الكاميرا أو خلفها وكل القائمين على هذه الأفلام كان لهم أفكار ومشاريع أرادوا أن يظهروها بشكل مختلف، وهو ما ساهم في نجاحها.
ولكن شهدت السنوات الأخيرة عودة سينما المقاولات بشكل قوي نظرا لتراجع الإنتاج الكبير بسبب تخوّف شركات الإنتاج من خوض هذه التجربة في ظل توتر الأوضاع في مصر، واحتمالية فشل هذه الأفلام تجاريا بسبب تراجع جمهور السينما، وهو ما أتاح الفرصة لعودة الأفلام متوسطه الجودة ومنخفضة التكاليف، التي تعتمد على الاستعراضات والإفيهات الكوميدية فقط دون أن تحمل اي مضمون، والتي تجد لها رواجا عند طبقة معينة من الشعب، وتسعد بمشاهدتها خاصة في فترة المناسبات والأعياد.
وللعلم، أنا لست ضد وجود هذه النوعية من الأفلام لأنها تعبّر عن طبقة معينة وتسعد فئة معينة ولها جمهورها بالفعل، بالإضافة إلى أنها نها تساهم في عمل عدد كبير من المشتغلين في هذه الصناعة، "من الآخر فاتحة بيتهم"، ولا يمكن أن تتوقف، مما سيزيد من عدد العاطلين في الدولة.
ولكن اعتراضي على أن تكون هذه الأفلام هي الأفلام الوحيدة المتاحة في السوق، وأن يتنافس المنتجون على توفير هذه النوعية فقط نظرا لضمان مكسبها فقط، وتراجع الأفلام ذات الهدف والمضمون والأفكار الجديدة.
وفي وسط هذه الحالة من عدم الاتزان، يتشجع عدد من المنتجين في عام عام 2014 والذي اعتبره عام الثقة والنجاح لدى المنتجين، وعام الخير على صناعة السينما، وتأكيد على أن الجمهور مازال في انتظار الأعمال الفنية القوية، ويدعمها ويشارك في نجاحها بالحضور إن وجدت.
وشهد 2014 طرح عدد من الأفلام التي استطاعت أن توفر الجانبين الفني والمادي، ولفتت الأنظار لها بجودتها وبالأفكار التي طرحتها، ما يعيد للمنتجين فكرة التواجد بالأفلام ذات الإنتاج الجيد، وفي المقابل ستحقق لهم النجاح المادي أيضا.
ومن هذه الأفلام:
* "الجزيرة 2"
من تأليف محمد وخالد وشيرين دياب، وهو من إخراج شريف عرفة، ومن بطولة أحمد السقا، وخالد صالح، وخالد الصاوي، وهند صبري، ونضال الشافعي، وأحمد مالك، وأروى جودة. ("الجزيرة 2" يتصدر قائمة إيردادات أفلام عيد الأضحى 2014)
شاهد إعلان فيلم "الجزيرة 2"
* "الفيلم الأزرق"
عن رواية للكاتب أحمد مراد، ومن إخراج مروان حامد، ويشارك في بطولته خالد الصاوي، ونيللي كريم، ولبلبة، ومحمد ممدوح، ومحمد شاهين. (7 أسباب تدفعك لمشاهدة "الفيل الأزرق" في عيد الفطر)
إقرأ أيضا: "الفيل الأزرق".. مرحلة جديدة وفرصة ذهبية لا تعوّض
شاهد إعلان فيلم "الفيل الأزرق"
* "فتاة المصنع"
من بطولة ياسمين رئيس، وهاني عادل، وسلوى محمد علي، ومن إخراج محمد خان. (آخر كلام- "فتاة المصنع" يمثل مصر في "الأوسكار" 2015)
شاهد إعلان فيلم "فتاة المصنع"
* "لا مؤاخذة"
من بطولة هاني عادل وكندة علوش والطفل أحمد داش، ومن تأليف وإخراج عمرو سلامة.
وبخلاف الأفلام السابقة، فضمّت سنة 2014 أفلاما كوميدية بمستوى محترم لا تعتمد على الإسفاف منها:
* "جوازة ميري"
من تأليف خالد جلال، ومن إخراج وائل إحسان، ومن بطولة حسن الرداد، وكريم محمود عبدالعزيز، وصلاح عبدالله، وبدرية طلبة.
إعلان فيلم "جوازة ميري"
* "صنع في مصر"
من تأليف مصطفى حلمي، ومن إخراج عمرو سلامة، ومن إنتاج "نيوسنشري" و"شادوز"، ومن بطولة أحمد حلمي، وياسمين رئيس، والطفلة نور عثمان، ودلال عبد العزيز، وعبد الله مشرف، وبيومي فؤاد.
شاهد إعلان فيلم "صنع في مصر"
إقرأ أيضا: "صنع في مصر": أحمد حلمي يفشل في سرد "حدوتته" للكبار
* "مراتي وزوجتي"
من تأليف لؤي السيد واخراج معتز التوني ومن توزيع الإخوة المتحدين للسينما، وبطولة رامز جلال ، وشيري عادل، وحسن حسني ، ورجاء الجداوي ، وإدوارد.
لذلك أتمنى أن يتجرأ المنتجون لهذه النوعية من الأفلام، وإعادة النظر في الدفع بعدد أكبر منها لكي نوفر للجمهور الأفلام التي ترتقي بهم، ونقضي من خلالها على ظاهرة أفلام "الراقصة والمطرب"، بعد أن أصبح من المؤكد أن نجاح الأفلام الراقية، وأن جمهورها في اشتياق لها، وقادر على دعم وإنجاح هذه المشاريع إن وجدت.