نعم ، نحن مجتمع فاقد لاحترام الرأي الآخر المخالف.
وأنا لا أتنصل من المجتمع بهذا الكلام ، بل أدين الجميع ، ومنهم أنا بالطبع ، فنحن جميعا نشأنا على أن رأينا هو الوحيد الصواب ، ومن يخالفنا يقذف بأفظع السباب وعبارات التهكم ، كما أن المجتمع الدولي أيضاً يفتقد هذه الثقافة ، وهو ما يبدو واضحا في الخلافات السياسية بين الدول.
عزيزي القاريء ، لا تُصدم من هذه المقدمة ، فالأمثلـة على ذلـك عديدة ، فإذا كان الخلاف في موضوع ديني فإما تكون مؤيداً لي في الرأي وتكون مؤمناً وتقياً ، وإما أن تكون "والعياذ بالله" مخالفاً ، فتكون كافراً - أقصد بالطبع أشياء يمكن الاختلاف فيها كما حدث مع الدكتور عبدالصبور شاهين حين كفره البعض ممن نتحدث عنهم لمجرد الاختلاف في الرأي.
أما إذا كان الخلاف في شأن سياسي ، فإما أن تكون معي في الرأي فتكون ديمقراطياً ، ولمجرد اختلافك معي تصبح في لحظة واحدة إرهابيا ، وأمريكا نفسها أكبر دليل على ذلك!
وفي الرياضة فحدث ولاحرج أيضاً ، فلا يقبل أي منا الأخر ، فيمكن لأي "أهلاوي" أن يتهم زملكاويا "الآخر" بالنسبة له - والعكس بالطبع - بكل ما يحلو له لمجرد الاختلاف في الانتماء والرأي ، فهل تكون هذه هي الرياضة التي نعرفها؟!
أما في الفن ، وهو مبني أساسا على الاختلاف والجدل ، فهو وجهة نظر وإبداع شخصي ، ولكن : إما تؤيدني لتكون مبدعاً ، أو تكون جاهلا فنياً إذا تجرأت واختلفت معي كما حدث في فيلم "اللمبي" والذي تعرض لموجة عاتية من النقد ، وإذا أبدى أحداً إعجاباً - مجرد إعجاب - بالفيلم تنهال عليه الاتهامات بالجهل الفني ، وحدث ذلك مع الكاتبة صافيناز كاظم.
والأمر نفسه بالنسبة لفيلم "بحب السيما" الذي كان لفترة طويلة وصمة عار لكل من يقول إنه فيلم جيد ، وحاول البعض سلب حرية إبداع المؤلف والمخرج عن طريق القضاء ، إلا أن المشكلة حسمت لصالح الحرية ، وهو ما اعتبر بادرة أمل للفن.
لابد أن نختلف حتى نكون أسوياء ، فلا يمكن أن نكون جميعاً متفقين في الرأي ، ولكن يجب أن نتعلم كيفية الاختلاف ومناقشة وجهات النظر حتى تثري هذه المناقشة المتابعين لها ولا تصبح مجرد "زعيق وشخط" هدفه العنجهية والأنانية وليس الوصول للحقيقة.
أنا لست مهتماً بالدفاع عن أي من الأمثلة التي ذكرتها ، ولكني فقط أتمنى أن يكون جدالنا اختلافاً وليس خلافاً ، وأن يقبل كل منا الرأي المخالف له.
وأخيراً علينا أن نقتنع بالمثل الشعبي القائل "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية".