ما الذي قد يدفع أشخاص لكره بلدهم؟ وما هي الحال التي قد تصل بهم إلى إخماد ثورة اشتعلت لتصب في مصلحتهم في الأساس؟ مسلسل "طرف ثالث" يجيب.
مثلي مثل الكثير من الشباب الذي يجد صعوبة في متابعة المسلسلات بسبب عدم قدرتنا على ضبط مواعيد "قعدتنا" أمام التليفزيون، ولذلك لم أفكر في متابعة أي مسلسل خلال رمضان بالرغم من الإغراءات الإعلانية أو غير الإعلانية!
الصدفة وحدها هي ما دفعتني للرجوع في قراري ومتابعة مسلسل "طرف ثالث" ففرهدة نهار أول يوم صيام دفعتني للإمساك بالريموت كونترول لإلقاء نظرة سريعة على قنوات التليفزيون، قبل أن يلفت انتباهي تتر المسلسل.
وبالرغم من شعوري لوهلة أن المسلسل سيعتمد على استثمار نجاح تجربة "المواطن X" رمضان الماضي على الطريقة المصرية، إلا أن هذا الشعور زال تماما مع بداية الحلقة الأولى التي بدأت باختطاف سيارة الناشط السياسي شريف "الغمراوي" وزوجته الممثلة "نسمة".
فاختيار التوقيت المناسب لبدء أحداث المسلسل والإسقاطات القريبة للواقع لن تدفعك للانتظار حتى تعرف ما سيحدث لأنك بالفعل "عايش في التوهان دة" من الثورة بقدر ما سيدفعك لمحاولة فهم ما وراء هذه الحوادث التي نطالعها يوميا في نشرات أخبارنا.
وأبرز ما في الأحداث أنك لن تجد نفسك مشتتا بين أكثر من قوى للشر فالمسلسل يلخص لك كل المسؤولين عن ما يحدث في مصر منذ الثورة في شخص واحد هو من يمتلك جميع خيوط لعبة "الطرف الثالث".
فالمسلسل يتحدث عن أقوى أسباب إبطاء سرعة عجلة التغيير الثوري في أعقاب ثورة 25 يناير وهو الطرف الثالث الذي نسبت إليه أغلب ما أعقب الثورة من أحداث دامية.
ولا يحاول المسلسل تبرئة هؤلاء أو إظهارهم كالملائكة التي تلوثت أجنحتهم البيضاء ببعض شوائب مجتمعية أثرت على سلوكهم، فأبطاله بشر كجميع البشر يمتلكون سلبيات قد تقل أو تزيد عن غيرهم؛ ولكن فرصة معالجة تلك السلبيات ما زالت موجودة وهو ما يظهر في التطور الدرامي للشخصيات التي نقترب من خلال المسلسل من طريقة حياتها وتفكيرها وظروفها.
الترابط بين نجوم العمل يعد أبرز سماته، فتجمع دائما أحداث المسلسل بين أبطاله مهما باعدت بينهم الظروف الاجتماعية والمهنية؛ فلا تشعر بالملل من تواجد من ليس له دورا في تحريك الأحداث، فالجميع يحرك الحدوتة.
عدم المط والتطويل المعتاد في المسلسلات المصرية أيضا من مميزات "طرف ثالث" الذي قد تواجه معه صعوبة في تدارك الأحداث إذا فاتتك حلقة منه.
أعلم أن الكثير من مسلسلات رمضان هذا العام ناقشت ظاهرة البلطجة في ظل الانفلات الأمني عقب الثورة، ولكن ليس كل بطلجي "طرف ثالث".
ملحوظة .. مع اقتراب المسلسل من نهاية حلقاته لا أجد أي مشكلة في أن يتعاون الثلاثي أمير كرارة ومحمود عبد المغني وعمرو يوسف من جديد في عمل رمضاني العام المقبل، وسأتابعه.