نمارس الديمقراطيه الحقيقية لأول مرة، نتناقش، نختلف و نفرز كل المعروض أمامنا. ما يحدث أمر لم يكن أكثرنا تفاولاً يحلم به و لكن علي قدر مميزاته تظهر أعراض جانبيه طبيعيه. فأصبح موسم الإنتخابات ليس فرزاً فقط للمرشحين و لكن أيضاً للأصدقاء.
كنت بصدد أن أكتب توضيحاً عن أحد الشائعات التي قيلت علي لسان المرشح الذي إخترته للرئاسه، و بالمصادفه لاحظت أن جانباً من أصدقائي يكتبون علي صفحاتهم علي الفيس بوك قدحاً شديداً فيه. هممت أن أرد علي حججهم و لكن توقفت عندما تخيلت رد فعل أصدقائي من كارهي مرشحي!
لازلت أذكر الإستفتاء و معارك الإستفتاء. لازلت أذكر الكثيرين الذين خسرتهم بسبب رأيي في الأستفتاء و تحمسي الشديد لتسويق التصويت بلا.
بعد عام مازالت هذه المعركه مستمره، فكل منا يدافع عن إختياره للنهايه مع أن الموضوعيه تقتضي أن نقول أن المجلس العسكري الذي فرقنا لم يعبأ بإختيار الأغلبيه و إختار (لعم) فمزج بين مساوئ الإختيارين و تركنا نوسع خلافنا.
مازلت أذكر إنتخابات مجلس الشعب، و مشاحناتها و تغير صور الحسابات الشخصيه لرموز الأحزاب التي يؤيدها كل منا، و مازلت أتذكر التصنيف و الفرز و الحذف الذي أجراه كل منا علي قائمه أصدقائه سواء الإفتراضيه أو الحقيقيه!
تخيل لو أن ما تبقي لك من الأصدقاء هم من صوتوا مثلك في الإستفتاء و البرلمان والرئاسه؟!! هل سيبقي لك إصدقاء؟ أشك و حتي لو كانت إجابتك بنعم فأبشرك أن ديمقرطيتنا الوليده آتيه بإنتخابات عديده تاليه لا محاله، و لو إستمرينا بنفس الطريقه لن يبقي لأي منا صديق واحد.
أتفهم أن كل منا تائه و محركه الأساسي هو الخوف من المستقبل، الخوف من أن أي إختيار خاطئ سينهي علي مستقبل البلاد، إلا أنه عندما يكون دافعنا الأساسي هو الخوف تقل كثيراً المساحه الرماديه و يري كل منا الأشياء إما أبيض أو أسود، تتصاعد حده هذه الرؤيه مع إقتراب الإقتراع فيتحول الخلاف إلي لو مش معايا تبقي ضدي!
المقولة القديمة أننا لو إطلعنا علي ما في عقول الآخرين سيكره كل مننا الآخر تتحق الآن، فالعالم الإفتراضي يجعل كل منا كتاباً مفتوح، بل كتاباً مأرشف يستطيع معه الآخرون مراجعه مواقفنا و آرائنا السابقه. كثير من الأحيان أقابل شخصاً لا أعرفه يتابع ارائي فبعد الترحاب يخبرني أنه يحترمني و لكنه زعلان مني، أتناقش معه لأكتشف أنه مختلف مع تغريدتين من ٦٠٠٠ تغريده كتبتها!! إفاجأه اني مع تغير الظروف و المعطيات و مراجعه النفس مختلف مع مواقفي أكثر منه بكثير!
كل منا بصمه لن تتطابق مع آخر، كل منا له خلفيه و بيئه و ثقافه و تعليم مختلف، كل منا ليس الآخر و من غير المعقول أن تكرهني أو تخسرني لأني غيرك. بالنسبه لي الأبيض و الأسود انتهي يوم التنحي و وقتها إيضاً التمست الأعذار لمن لم يري الأمر بهذا الوضوح. قناعتي تزداد يوماً بعد يوم إن أكثرنا حكمه هو أكثرنا تشككاً في رأيه و مراجعه لنفسه و أقلنا تقديراً للموقف هو الواثق من رجاحه رأيه لدرجه معاداه من يخالفه
لا نصيحة في النهاية ولا إستنتاج ذكي، فقط إرهاق من تقلبات الإنتخابات النفسيه و تمني أن لا أخسر شخصاً واحداً بسبب رأي أو قناعه. تمني إن نتحمل بعض أكثر، و إن نعطي مساحه أكثر للرمادي في حياتنا، تمني أن تزيد مساحه حسن الظن فليس مخالفنا خائن بل أني أجذم أن كلنا نختار ما نراه أفضل لمصر من وجهة نظرنا.
أصدقائي برغم خلافنا أحبكم.