الرياض (السعودية) - رويترز : يعقد شبان سعوديون -يتوقون إلى إنتاج السينما في بلد ليس به دور للعرض ، ولا يشهد إلا مجرد إرهاصات لصناعة سينما- العزم على إدخال المملكة المحافظة إلى عالم الفن السابع.
وستشارك سبعة أفلام سعودية في مهرجان سينمائي في العاصمة الإماراتية أبوظبي في مارس في أقوى ظهور للسينما السعودية الوليدة في أي مهرجان.
وأعلنت شركة روتانا للصوتيات والمرئيات التي يمتلكها رجل الأعمال الأمير الوليد بن طلال أنها تعمل على إنتاج أول فيلم سعودي طويل سيعرض في دور العرض بالخليج هذا العام.
ويقول عبد الله العياف المخرج الذي يدير موقعاً الكترونياً شعبيا يروج للثقافة السينمائية "نتمنى أن نقدم أفلاما جيدة حتى وإن كانت بميزانية قليلة تعجب مجتمعنا تساعد النهضة ، وأيضا قبولها في الخارج .. أتمنى صراحة أن تصل أصواتنا للعالم الغربي."
ويعالج فيلم العياف الوثائقي "سينما 500 كم" الذي يستغرق 45 دقيقة هذه المشكلة حيث يصور شاباً سعودياً يتعين عليه السفر إلى البحرين المجاورة كي يشبع رغبته في مشاهدة السينما.
وقال العياف "الفيلم يثير السؤال الذي تتحدث عنه الصحف .. لماذا لا توجد سينما هنا .. مجرد شرارة كي يتكلم العالم عن الموضوع."
وأضاف العياف البالغ من العمر 28 عاماً : "في البحرين قابلت مدير سينما يقول إنه خلال بعض المواسم 80 إلى 90% من الرواد يكونون سعوديين .. معناها أن الشعب السعودي يريد أن يشاهد السينما ، بعض أندية الفيديو بالرياض لديها 15000 عضو."
وسمحت السلطات في الرياض بعرض أفلام كارتون للأطفال على شاشات ضخمة في نوفمبر وهي المرة الأولى التي تعرض فيها أفلام بصورة عامة منذ السبعينيات عندما اتخذت المؤسسة الدينية القوية في المملكة موقفاً صارماً ضد السينما.
ويعتقد رجال الدين المتزمتين أن تجسيد الإنسان محرم بموجب الشريعة الإسلامية ويعتبرون صناعة السينما التي تهيمن عليها الولايات المتحدة قوة غير أخلاقية يطغى عليها الجنس والعنف.
ويقول مراقبون إنه كانت هناك عقبات تجارية في السبعينات في إدارة دور للعرض السينمائي ، ويعتقد المخرجون أنه مع عدد السكان الذي يبلغ 18 مليون نسمة 60 بالمئة منهم تحت سن 21 فإن الإقبال في السعودية سيكون ضخماً.
ويقول محمد بازيد –البالغ من العمر 26 عاماًَ- الذي يشارك بفيلم صامت في مسابقة "أفلام من الإمارات" التي تبدأ يوم الأول من مارس "الهدف الرئيسي أن يكون هناك تحريك للماء الراكد وتحريك للجو .. نوع من إعطاء الشرعية والقبول لصناعة السينما."
وأضاف أن السعودية -حيث يدعم الملك عبد الله إصلاحات حذرة- يمكن أن تحذو حذو إيران الدولة الإسلامية المحافظة التي تنتج أفلاما سينمائية تحظى باحترام عالمي.
وقادت المخرجة السعودية هيفاء المنصور الطريق وحظيت بإشادة عالمية عن أفلام وثائقية عامي 2003 و2004 ، وسيعرض أحدث أفلامها "نساء بلا ظل" الذي انتج عام 2005 في أبوظبي.
وتعيش هيفاء وكثير من المخرجين الشبان في المنطقة الشرقية بالقرب من المجتمعات الخليجية الأكثر انفتاحا مثل البحرين والامارات والكويت.
وقالت هيفاء : "لدينا معارضة لقيادة النساء للسيارات ، ودخول المجالات الأخرى ، أنهم (رجال الدين) يعارضون المفاهيم الجديدة التي تفد للمجتمع والسينما إحداها ، لكن المعارضة ستتفانى مع الوقت."
وحتى الترتيبات المطلوبة لاستكمال تصوير فيلم صعبة في السعودية حيث تفرض القواعد الصارمة على النساء اصطحاب أحد محارمهن في الأماكن العامة والفصل بين الجنسين في الأماكن العامة.
وتشير هيفاء إلى أنها عادة ما تصور أفلامها في الساعات المبكرة من النهار في مناطق هادئة لتجنب لفت انتباه المطوعين -رجال جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- الذين يجوبون الشوارع "كنت قلقة نوعا ما لكن لم يلحظ أحد."
وتشجع المخرجون السعوديون الشهر الماضي عندما قال رجل الدين البارز سلمان العودة في قناة "إم.بي.سي" التلفزيونية السعودية أن السينما تستحق دعما لأنها يمكن أن تروج للإسلام.
واستخدم المسلمون المعتدلون في الماضي حججاً مماثلة للفوز بقبول لاختراعات حديثة مثل التلفزيون الذي واجه يوماً ما معارضة قوية من المتشددين.
ونقلت الصحف السعودية عن العودة قوله إن "السينما صناعة هائلة في الغرب وهي تستهدف الإسلام في كثير منها فقيام صناعة سينمائية تنصف الإسلام مطلب خير وأمر فيه خير."
وقال الداعية الإسلامي محسن العوجي إن التناقضات التي ينطوي عليها الحظر غير الرسمي للسينما ستقود في النهاية إلى انهيار المعارضة الدينية.
وربما تكون السينما بعيدة المنال لكن الشبان السعوديين يمكنهم تحويل مؤشر التلفزيون من المحطات الدينية إلى التلفزيون الرسمي إلى محطا