النظرية الاكيدة التي تم اثباتها من أول الثورة أن العنف بغض النظر عن أنه طريقة لا إنسانية إلا أنه لا يحقق الاهداف، فقد تم استخدام العنف في يوم 25 و28 وفي موقعة الجمل، وكانت النتيجة هي تزايد أعداد متظاهري التحرير وهي نتيجة مخالفة للهدف وهو فض الميدان.
لكن المجلس العسكري لم يتعلم الدرس وحاول فض المتظاهرين يوم 9 مارس بالقوة، بل وكررها عندما حاول فض الميدان بالقوة فجر الجمعة الماضية، وكانت النتيجة هي تظاهر الالاف يوم السبت، مما يعني فشل المجلس الاعلي في تحقيق هدفه، وقد كان امامه اكثر من حل سلمي اولهم ارسال الدكتور عصام شرف للتفاوض مع المتظاهرين والذي اثق في قدرته على حل المشاكل بالحوار وليس بالعنف.
لأول مرة تتحول تظاهرات التحرير من تظاهرات تنادي بالسلم إلى تظاهرات تنادي بالعنف، فأن يخرج بعض الضباط لتأليب الشعب والجيش على قائده سواء اتفقنا أو اختلفنا معه فهى دعوة لانقلاب عسكري من التحرير، والانقلاب العسكري لا يحدث بالشوكة والسكينة بل يحدث بالدم والضحايا والحرب، وعلى ضباط الجيش ألا يحملو التحرير فوق طاقته.
وأقول أخطأ ضباط الجيش الذين شاركو في التظاهرات في الدعوة للانقلاب الذي يساوي العنف، وأخطأ متظاهرو التحريرعندما وقفو امام الشرطة العسكرية التي حاولت القبض على الضباط المتظاهرين حتى ولو كان ذلك من دافع الحس الوطني والمجدعة، وأخطأ المجلس العسكري في استخدام العنف المفرط في التعامل مع المتظاهرين بدليل القتلى والمصابين، وأخطأ المجلس العسكري عندما حاول ايهام الناس أن المتظاهرين كانو من البلطجية وانهم هم من بدأو اطلاق النار، مزيدا عليها انهم كانو "قلة مندسة" وهي الجملة التي اصبحنا نوقن أن من يستخدمها ارتكب جريمة ويريد إلصاقها بالآخر.
يجب على المجلس العسكري استيعاب اولا ان استخدام العنف هو حل غير مجدي عمليا ثانيا انه يؤثر بالسلب علي علاقة المجلس العسكري بالشعب، ويجب على من يتظاهرون ان يفرقوا بين التظاهرت للاسراع بتنفيذ المطالب وبين تخطي الحدود مع الجيش، وهي ايضا ما يوتر العلاقة بين الشعب والجيش، وهو ما لا يأمله احد.
العلاقة بين الشعب والجيش الآن كما العلاقة بين زوج وزوجة، لم يتزوجا عن حب لكن بينهما رابط هو طفل، الشد والجذب بينهما مقبول والنقد بينهما مقبول، لكن الطلاق مرفوض حتي لا يضيع الطفل.
أن ينتقد الشعب المجلس الاعلى ويضغط عليه مقبول .. أن يخرج الشعب في تظاهرات مليونية يوم الجمعة للتأكيد على المطالب أوالمطالبة بمجلس رئاسي مقبول .. أما التصدي للجيش أو عمل شئ اهوج يؤدي إلى قطع العلاقة تماما فهو شئ مرفوض تماما.
من وجهة نظر البعض أن حل المشكلة مع الآخر هى تشويهه .. مثلما ما حدث مع الضابطين الذين ظهرا بفيديوهات ينددان بالمجلس العسكري واللذان تم تشويههما والصاق تهم الخيانة بهما بعدة طرق، كأنهما يحاولون نفي وجود اي غضب داخلي في الجيش ولو ضعيف .. فماذا بعد هؤلاء الضابطين؟؟ ماذا عن العشرين ضابط الذين أتو إلى التحرير وتسببوا في المشكلة؟ هل هم أيضا خونة واجندات وقلة مندسة أم ضباط صغار مندفعين اخذهم الحماس ووجهو وطنيتهم في المكان الخطأ؟؟
لا ادافع عنهم واقررت بخطأهم سابقا لكن طرق علاج المشاكل يجب ان تتم بطرق علمية وليس بطريقة هلهليه، وليس بالتخوين ولا بالاقصاء.
مصطلح الثورة المضدادة يجب ان يتوقف استعماله كشماعة، فهذا المصطلح اصبح الشماعة لينفي بها الشعب عن الثورة تهمة لا تخصها وهى غوغائية بعض جماهير الكرة في غياب الأمن، ملصقا التهمة بالثورة المضدادة .. كما اصبحت الشماعة للمجلس الاعلى لينفي اعتداؤه علي المتظاهرين مدعيا انه اعتدى علي ممثلي الثورة المضدادة.
واذا استمر تعليق الاخطاء علي شماعة الثورة المضداة سنجده معمم لدرجة انه يمكن ان يعتدي رجل على زوجته مبررا موقفه أن زوجته تنتمي للثورة المضدادة.
في النهاية .. بما ان الجيش اخذ حقه ممن اخطأوا في التحرير بقبضه على الضباط المتظاهرين وعلى عشرات من المتظاهرين المدنيين، فنتوقع منه ايضا محاسبة المسئولين على العنف المفرط في الجيش، ذلك فيما يخص ما حدث فجر الجمعة.
ولي رسالة لجيشنا العزيز أرجو ان تصل وهي: أن الشعب يتمنى ان تعيدو شحن الرصيد .. جيشنا العزيز، إن الفترة المقبلة تحتاج لنقلة نوعية في العلاقة بين الشعب والجيش وزمام الامر بيدكم .. هذه النقلة النوعية في العلاقة تحتاج أن يصدر الجيش حزمة قرارات في الفترة المقبلة تتمثل في الاسراع في محاكمة الفاسدين واستراجاع الثروات وتغير المحافظين والمحليات وغيره حتى يخوض الجميع الانتخابات البرلمانية في مناخ نظيف، لتنفي هذه القرارات عن المجلس الاعلي كل التساؤلات حوله، ولن اقول التهم .. ولتقفل الباب على كل مداخل الوقيعة بين الشعب والجيش لتستمر العلاقة جيدة بين الشعب والجيش .. وليبقى .. الجيش والشعب إيد واحدة.