لم تنطل على أحد مناورة "شرطي طيب وشرطي شرير"، التي حاولها السيد البدوي وتابعه رضا إدوارد، الطيب دائماً "البدوي" احتاج هذه المرة لشرير يلقي عليه بتبعات ما ستقترفه يداه.
يذكرني الاثنان بدكتور جيكل ومستر هايد، لا أحد يعرف من هو رضا إدوارد، رجل غامض لدرجه تغريني لِثواني أن أتخيل أنه السيد البدوي نفسه، وقد غير صوته ووزع الصورة الوحيدة لإدوارد على الصحف، ليخفي أن له وجها آخر لا يظهره دائماً.
السيد البدوي بعد أن تفاجأ بردة الفعل العنيفة على خطوته الساذجة، ادعى أنه باع حصته لإدوارد، وبالرغم من أنني أتشكك في هذا كثيراً، فإن الأمر بالتأكيد سواء -وأعني هنا سواء علي مستوي المسئولية-، فالسيد البدوي سيظل المسئول عن قتل "الدستور" مع سبق الإصرار والترصد، ولو باع هو و"انعكاسه" إدوارد حصتيهما للشيطان.
تحديد المسئول يظل دائماً مهماً، لكي نعرف من الذي يجب أن نجبره على دفع الثمن؟؟؟ ويجب هنا أن نفرق بين الثقافة الانتقامية، التي نرفضها بشدة، وبين مبدأ الثواب والعقاب الذي لا يستقيم مجتمع بدون تطبيقه، البدوي ليس أول من قدم خدمات مجانية للنظام، فالبلد امتلأت بأمثال البدوي، اللذين "يقدمون السبت عشان يلاقوا الحد".
لا شك أن البدوي ينتظر أن يكافأ بسخاء، فالحقيقة أن الرجل قدم قرابين كلفته الكثير، على الأقل شعبياً، إلا أنه لم يخسر شيئاً مادياً إلى الآن، فالرجل مازال على قمة حزب "الوفد"، وسوف يقوده في الانتخابات التشريعية، التي ينتظر أن يكون جزء من المكافأة نسبة من مقاعدها، لم يحصل عليها الوفد من زمن، ومازالت قنواته أعلى القنوات مشاهدة في مصر، وأكثرها إغراء بالنسبة للعاملين في الحقل الإعلامي المرئي، حتى إن آخر المنضمين لها هو نجم "التوك شو" الإعلامي عمرو أديب.
لكن هل يجب أن تمر جريمة البدوي بدون عقاب؟ أتذكر الآن دعوة شباب ٦ إبريل للإضراب منذ سنتين، والتي كان أحد الطرق لإجهاضها عمل حفل دعى إليه مطرب شهير داخل جامعة عين شمس، في نفس توقيت الإضراب، نجاح الحفل وصوره التي تصدرت الصحف، كان من أهم دلائل فشل ٦ إبريل، لكن ماذا حدث لهذا المطرب؟ هل انتقده جمهوره لأنه سمح لنفسه أن يُستغل بهذه الطريقة؟ هل قاطعته نسبة مؤثرة منهم؟ بل هل توقف شباب ٦ إبريل نفسهم عن شراء اسطواناته؟
الإجابة هي لا... مر ما حدث مرور الكرام، ولهذا فلم يكن من الغريب أن نرى نفس المطرب في السنة التالية يسمح باستخدامه بنفس الطريقة مرة أخرى، لإجهاض ٦ إبريل التالية، بالطبع من حق هذا المطرب وغيره أن يكون له موقف سياسي مختلف مع المعارضة، ولكن غالباً ما تكون هذه المواقف برجماتية بحتة، مجرد إضافة لرصيد النقاط في بنك المصالح "هظبطك انهاردة وتظبطني بكرة".
العقاب الذي أتمناه للبدوي هو ترياق لأمثاله من النفعيين، وهو عقاب لن يأتي من نقابة الصحفيين أو القضاء أو أي جهة أخرى، إنه عقاب جماعي مني ومنك ومن كل من يرى أن ما فعله البدوي غير شريف ... تخيل لو تمت مقاطعة "وفد" البدوي، ولو انسحب منه أصحاب مواقف آخرين مثل العظيم أحمد فؤاد نجم، ولم يتم دعمه في الانتخابات بأي شكل، ألن يقوي هذا الضغط الجبهة المعارضة له داخل الحزب، وحتماً سينتهي بإقصائه.
طريقة أخرى فعالة للضغط، وهي مقاطعة قنواته، بالتوقف عن مشاهدتها، بالنسبة للمشاهدين، وبعدم الظهور على شاشاتها، بالنسبة للإعلامين والسياسيين والفنانين والرياضيين، وقد ظهر جلياً أهمية ظهور النخبة على قنوات البدوي، من خلال تعمده الإعلان عن انضام عمرو أديب في هذا التوقيت بالذات، الأمر الذي يحاول أن يؤكد به أنه لم يتحول لمنبوذ ... وأخيراً لضمان وجود آلية للتعامل مع "البدويين" القادمين، أقترح عمل قائمة سوداء سنوية، بالشخصيات العامة التي تمشي على نفس المنهج النفعي، وممارسة كل أساليب الضغط الشعبي عليهم، حتي يصبحون عبرة لغيرهم، وإن كان لي أن أرشح شخصا آخر بالإضافة للبدوي، لينضم لهذه القائمة المخزية، فبالتأكيد سأرشح عمرو أديب، مكافأة له على انضمامه للوفد، في هذا التوقيت بالذات.