دبي (الإمارات المتحدة) - رويترز : قد لا يحب العرب السياسة الخارجية الامريكية تجاه الشرق الاوسط لكنهم عندما يبحثون عن مهرب فإن الكثيرين يقبلون على الثقافة الامريكية السائدة التي إجتاحت شاشات التلفزيونات العربية في السنوات الثلاث الماضية.
فالمحطات الفضائية المتاحة بالمجان لا تعرض تقريبا سوى المسلسلات والبرامج الحوارية والتغطيات الاخبارية الامريكية مثل برنامج "برايم تايم" الذي تعرضه محطة ايه.بي.سي ، إلى جانب البرامج الامريكية التي تعرض بترجمة عربية وتقطع منها مشاهد القبلات وما إلى ذلك مما يعتبر مشاهد مثيرة.
وتوسعت شبكة ام.بي.سي. السعودية بعد قناتها ام.بي.سي 1 للاخبار والمنوعات العربية لتشمل قناة ام.بي.سي 2 المخصصة لافلام هوليوود وقناة ام.بي.سي 4 التي تعرض البرامج الحوارية والمسلسلات الامريكية.
وفي دبي في الامارات العربية المتحدة بدأت محطة وان تي.في إرسالها في أواخر عام 2004 وتقدم الخليط نفسه من الثقافة الترفيهية الامريكية ، ومثل بقية المحطات فهي لا تكشف عن تكلفتها.
ويقول محللون اعلاميون ان الاقبال زاد بدرجة كبيرة على القنوات الثلاث في مختلف أرجاء العالم العربي ويتهافت المعلنون لشراء اوقات عليها مع ارتفاع نسبة المشاهدة ، وقال محمد الملحم مدير العلاقات العامة لشركة ام.بي.سي : "نحن نتيح لك فرصة مشاهدة العالم والتعرف على اراء الغرب".
وتابع : "مواد الترفيه الغربية تحظى باقبال الشباب ، والمستهلكون اصبحوا أكثر تعقيدا وأكثر تطلبا ، ونحن نحاول رصد الاتجاهات" ، مضيفا ان القناة تعد تقارير تسويق شهرية بتركيز خاص على السعودية.
لكن تزايد الثقافة الامريكية لا يلبي أذواق الجميع فيقول البعض ان الاتجاه الجديد يشير إلى أزمة ثقافية في الدول العربية تكشف عن عدم الرغبة في وضع أموال في إنتاج تلفزيوني عربي.
ويمكن للشبان في السعودية التي جاء منها 15 من 19 شخصا نفذوا هجمات 11 سبتمبر بطائرات مخطوفة على الولايات المتحدة التنقل بين المحطات الاسلامية والمحطات الحكومية والمحطات الترفيهية التي تعرض برنامج أوبرا وينفري ملكة البرامج الحوارية واعادات لمسلسل "الاصدقاء" الامريكي.
وترك رجال الدين البرامج الامريكية وركزوا هجومهم على النسخ العربية من برامج تلفزيون الواقع واكتشاف المواهب المنقولة عن برامج غربية.
وقال راشد مروشد مدير قناة وان تي.في الاماراتية : "بحثنا فيما يرغب مشاهدونا في مشاهدته وما قد يجتذب المزيد من الاعلانات".
واضاف "ويجب ان نعترف أن هوليوود واحدة من أكبر منتجي الافلام والمسلسلات والبرامج. معاييرهم مرتفعة ويمكن قبولها بسهولة في هذا الجزء من العالم اذ انها ناطقة بالانجليزية."
ويبدو ان هذا الاقبال الكبير على الثقافة الترفيهية الامريكية يأتي بمعزل عن الاراء السياسية للكثيرين في المنطقة ، فالعلاقات العربية الامريكية في أشد حالات توترها منذ عقود بسبب الحرب على العراق وتأييد واشنطن لاسرائيل في الصراع مع الفلسطينيين.
وسعت الادارة الامريكية لاستخدام الثقافة الامريكية لكسب التأييد لهذه السياسات الاقليمية من خلال مشروعات مثل راديو سوا وهو محطة ناطقة بالعربية بتمويل أمريكي تقدم الموسيقى وقناة الحرة التلفزيونية وهي محطة تلفزيونية فضائية ناطقة بالعربية بتمويل أمريكي.
وقال جهاد فخر الدين من مركز الدراسات العربية في دبي : "الناس يقدرون ثقافة الامريكيين وترفيههم وبدرجة ما قيمهم فيما يتعلق بالديمقراطية".
وأضاف : "لكن عندما يتعلق الامر بسياساتهم تجاه المنطقة فإن هذه قضية مختلفة تماما ، وهذا ما لا تدركه الولايات المتحدة".
وتابع فخر الدين ان إقبال العالم العربي على مواد الترفيه الامريكية يعد دليلا إضافيا على وجود الازمة الثقافية التي أشار إليها تقرير التنمية البشرية للعالم العربي الذي أصدرته الامم المتحدة في الفترة الاخيرة.
وقال : "انه يظهر افلاسا كاملا لصناعة الترفيه العربية ، من الارخص بالنسبة اليهم شراء منتجات جاهزة سواء أكانت سيارات أو ثلاجات (برادات) أو ترفيها" ، مضيفا انه لم توجه أموال كافية لعمل برامج تلفزيونية عربية.
وقال باحثون آخرون في السوق ان الرأي العام يجد ملاذا في الترفيه الامريكي كمهرب من المشكلات السياسية في المنطقة ومن المفارقات ان أغلبها يتعلق بالولايات المتحدة.
وقال طارق شيخ شباب الباحث في مؤسسة ابسوس-ستات "بسبب الوضع السياسي في المنطقة فان الناس لا يريدون مجرد أخبار سياسية" ، وأضاف أن أغلب المسؤولين التنفيذيين الذين يديرون المحطات الجديدة تلقوا تعليمهم في الولايات المتحدة.
ونتيجة لذلك فان مواد الترفيه البريطانية وغيرها من المواد الناطقة بالانجليزية لا تجد مكانا لها ، وقال