قرأت ما كتبه الناقد الأستاذ عصام زكريا عن تشابه موضوعات المسلسلات المصرية المقدمة هذا العام بما قدم الأعوام الماضية، واتفق معه كثيرا فيما كتبه، وأحب أن "أزيده من البيت شعرا" وهو أن صناع الدراما المصرية فقدوا حاسة التذوق الفني، وحاسة البصر والسمع أيضا، فلا يرون غير أنفسهم، ولا يسمعون غير صوت ضحكاتهم فى جلسات العمل، متجاهلين أصوات التصفيق المهللة بجودة صناعة الدراما السورية والتركية وأنا واحدة منها.
فإذا كان أمامي مسلسل مثل "عدى النهار" يعرض لفترة النكسة وما قبلها، وهى الفترة التي قتلت بحثاً، وأصبحنا نحفظها عن ظهر قلب، بالإضافة إلى صورته الضعيفة وأداء ممثليه الركيك وضعف إنتاجه، مقابل مسلسل يتحدث عن العنصرية داخل المجتمعات العربية من نوعية (مسلم – مسيحي)، و(علماني – ديني)، وهو موضوع المسلسل السوري "ليس سرابا" فأي منها سأتابع؟
بالتأكيد وبدون تفكير سأتابع الثاني، فهو موضوع شيق تفوح منه راحة الجدية، لا راحة الاستسهال على طريقة "الموضوع اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوهش" وأحسن طبعاً من الموضوع الذي يتطلب من مؤلفه ومخرجه وأبطاله أن يبحثوا عن تفاصيل جديدة، ويضيع عليهم الموسم والملايين التي سيسكبها المنتجين في جيوبهم.
وهو المبدأ الذي يسير عليه كل العاملين في الدراما المصرية من منتجين ونجوم ومخرجين ومؤلفين، حتى الوافدين من السينما، إما لتأجيل تصوير أو تأجيل عرض مشاريعهم السينمائية مثل: خالد صالح وغادة عبد الرازق وسمية الخشاب الذين قرروا أن يتعطفوا ويحلون ضيوفا على مائدة رمضان.
والسبب ببساطة أنهم يعتبرون المسلسلات "نحتاية تمام" فالمنتجون سيوفرون لهم الغرف المكيفة، وسيقدمون لهم كل غال وثمين، ويدللونهم ويضعون جداول التصوير وفقا لرغباتهم وحالتهم المزاجية وارتباطاتهم بمناسبات داخلية وخارجية.
بعد هذا كله يخرجون بأجور فلكية يعودون بها إلى السينما متخطين أجورهم السابقة، وبهذا يكونوا قد ضربوا عصفورين بحجر واحد، العصفور الأول حافظوا على تواجدهم في السوق، العصفور الثاني رفعوا أجورهم في السينما، طبعا دون النظر لجودة المسلسلات التي قدموها، لأن أرشيفهم الحقيقي وتاريخهم الذي يخشون عليه –من وجهة نظرهم- محفوظ داخل كاميرا 35 ميللي.
وهذا ينفي بالتأكيد ما يردده المسئولون عن المسلسلات عند رفض القنوات الفضائية عرض أعمالهم، أو حينما تتطلب بخفض أسعارها، من أن هذه القنوات متربصة للدراما المصرية، وتريد إزاحتها لصالح الدراما السورية والتركية، متجاهلين ما فعلوه.
يا سادة، صحيح أن النجوم تعيش في السماء، لكنها تنظر إلى الأرض لا للسماء، تعمل من أجل إنارتها لا من أجل أن تظل محافظة على ارتفاعها، أو تبحث على الارتفاع أكثر وأكثر.