مددت جسدي علي أريكة عقب سماع نبأ رحيل مفيد فوزي -بكل أوصافه الفريدة– أتأمل تلك الحقبة الطويلة وأنا اتساءل: لماذا وكيف نجح مفيد -الأستاذ- علي مدار ٧٠ عاما رغم تقلبات الزمن وتوالي أجيال النجوم عليه وهو الذي عرف بالقرب الشديد من نجوم عصره وأوانه لم أجد كلمة تجد عنه وتلخصه أفضل من جملة «إيقاع مفيد فوزي» نعم هذا هو السر وراء نجاح هذا الرجل مفيد كان يلهث أمام الزمن وليس خلفه.
اقرأ أيضا: كيف أعادت مواقع التواصل الاجتماعي برامج مفيد فوزي إلى الأضواء … السر في الأسئلة
كان دائم السعي والحراك كان أشد ما يستفزه الشخص الخامل قليل الحركة اجتمع بنا ذات مساء وأنا أعمل معه في قاعة كبيرة من قاعات روزااليوسف المشاغب وكان نادراً ما يفعلها فاجتماعاته إما ثنائية مع أحد المحررين أو مع كتيبة قسم من الأقسام كانت كلماته سريعة حادة مختصرة إلي ابعد مدي محددة الهدف يضغط علي حروفها حتي تصل رسالته بوضوح في ذلك المساء وكان كل نجوم مجلة صباح الخير حاضرين بناء علي دعوة هاتفية من سكرتيرته المهذبة قال اجتمعت بكم لأخبركم بحدث ضخم مؤسسة الأهرام بصدد إصادر مجلة نسائية «نصف الدنيا» وأخري رياضية «الأهرام الرياضي» ليس هذا فقط بل أن دار أخبار اليوم سوف تصدر جريدة رياضية وأخري للحواث فكيف تحافظ صباح الخير علي مكانتها وصمت المقترحات الحارضين وكنت أحدهم حيث اقترحت فكرة لقسم الفن وافق عليها هذه واقعة تكشف بجلاء عن سبقه للحدث.
ولكن هناك المزيد في صباح أحد الزيام إتصل بمنزل أسرتي متسائلاً في لهفة «فين طاهر» وكان الرد أنني في مدينة الاسماعيلية لم يتوقف بحثه فعاد وسأل: هل فيه تليفون «قبل الموبايل» أكلمه عليه فاخبرته الأسرة عن اسم الفندق الشهير وكانت المفاجأة أن تلقيت فيه اتصالاً علي الوبي بالفندق من غير سلامات ولا تحيات قاللي «بتعمل ايه عندك» قلت: بتفسح! قال متجاهلاً الرد: هل علمت أن إحسان عبدالقدوس مات قلت نعم علمت من صفحة الصباح قال خد عربيتك كان ذلك قبل زواجي واسأل عن بيت إحسان واقعد معاهم طول اليوم وأكتب صورة بالقلم عن إحسان الإنسان واحدف الموضوع من تحت «عقب» مكتبي قبل السابعة صباحاً.
ونشر الموضوع كموضوع أول في عدد خاص عن الأستاذ إحسان.
ليس هذا فقط هو ما يبرد وصفي «الإيقاع».
فمرة ثانية يكرر الاتصال قائلاً: في عجلة من أمره وكنا مساء في منزلي «شفت ماتش الأهلى» قلت: نعم، قال: علاء ميهوب أحرز هدفاً
قلت: نعم.. قال مش ده المهم، ميهوب بكي لأنه أحرز الهدف في ناديه السابق الأهلى إتصرف وهاتلي حوار معاه بكره الصبح!!
ولم أخذل الأستاذ أجريت اتصالات كثيرة بنجوم كرة أصدقاء إلي أن علمت أن ميهوب تخلف عن ركوب باص ناديه السكندري ليتناول العشاء مع اصدقاءه ثم يسافر صباح اليوم التالي وأكدوا لي موعد حجر الحافلة العاملة صباحاً لأكون أحد ركابها إلي جوار علاء ميهوب أجري معه حواراً إنسانياً نادراً وهو ما يحبه مفيد فوزي.
واتصال آخر عقب أحداث شغب من جمهور أحد أندية الأقاليم ليرسلني أحقق من هناك وبرضه الموضونع يكون عندي بكره الصبح!!
موقف أخر لو لم يكن السابقين قد ادوا المهمة كنت في بيته بحي المهندسين ندردش علي فنجان شاي وفجأة دق هافته المحمول ودون أن يرحب بالمتصل فاجأه بهذا الإيقاع . شارع مكة - أمام نادي الصيد - المهندسين - يلالا تعالي..
ويبدو أن الرجل علي الطرف الأخر من الحوار لم يعجبه إيقاع مفيد فسمعت رد الأستاذ إنت زعلتى.. طيب تعالى نتخيل الحوار بشكل آخر:
أنت في الطريق اتحركت من إسكندرية جاي صحراوي ولا زراعي الطريق فاضي أكلت حاجة طيب شارع مكة المهندسين وكان بالطبع يعبر عن طريقته في اختصار المناقشات وهو إسلوب برع فيه بالكتابة في زوايته «سماعي» أما الغريب فهو أن المتصل كان قادم إليه بسيارة جديدة من جمرك الإسكندرية ولم يسأله حتي عن حالة السيارة، لا أنسى له عندما وقع لي حادث سيارة مؤلم مع أوتوبيس نقل عام؛ مما استلزم نقلي إلى المستشفى، اتصل فجرا بادارة المستشفى وأوصى بي خيرا، وطلب مني مواسيا كتابة عامود لا يتعدى المائتي كلمة؛ فكتبت 2000 كلمة لأنه كان لدي ما أود أن أقوله، وبعد قراءته طلب من معاونيه الأستاذان: رشاد كامل وفوزي الهواري المدير الفني والذي أخبرني بالواقعة عدم حذف كلمة واحدة من المقال الذي جاء على 4 صقحات كاملة متجاوزا تعليماته السابقة، وهو ما جعلني ممتنا له ومهتما بأن أعرف عن شخصه المزيد.
قالت لي الفنانة الكبيرة نادية لطفي أن مفيد شاطر من يومه وأنه كان يعرض مساعدتها في استعداداتها للحفلات التي كانت تقيمها في منزلها في مقابل أن يحصل على مجموعة من الأخبار ينشرها بتوقيع "مخبر صحفي"، وأخبرني الأستاذ محمد تبارك مؤسس وأول رئيس تحرير لصحيفة "أخبار النجوم" أن مفيد لم يكن يستمتع برحلاته الخارجية بل كان في حالة سعي دائم للبحث عن مصادر؛ في حين قالت لي الدكتورة نعمات أحمد فؤاد أنه سمى ابنته "حنان" على إسم ابنتها لكي يتقرب منها وينال بعض شهرتها، أما حلاق العندليب عبد الحليم حافظ الخاص، فقد ذكر لي أنه أثناء تردده على سهرات العندليب كان مفيد هو واحد من البيت لا يفارقه..
الأن علمنا سر مفيد فوزي أن اليوم غده الذي يبدأه في السادسة صباحاً ليس علي استعداد لأن يضيع منه ثانية واحدة لذلك كان غزير الإبداع صافي الزهن من الحشو والتفاهات متفرغ للإنتاج الأدبي والصحفي والمرئى..
رحم الله مفيد فوزي فقد عاش عمره في كد وشقاء..
اقرأ أيضا:
تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة مفيد فوزي … الحزن انتصر
جميل المغازي يكشف كواليس حوار مفيد فوزي مع وزير الداخلية الأسبق زكي بدر...هل فاجأه بسؤال الاستقالة؟
الفنانون والإعلاميون ينعون مفيد فوزي...حزن على رحيل عميد الحوار التليفزيوني
لا يفوتك: حلقة خاصة عن المطربة جنات في "تحليل النغمات مع عمك البات"
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5